mercredi 18 avril 2012

ابـــــو ســلـهــــــام ألفــاطـمـــــي



إذا مـا جـعـلــت من الطــريــق الشـرقي  بابا تـدخل من خـلاله  مـدينــة  قـصـــر الشــــلالـة  تبدو لـك من أول وهــلة أنـهـا هــادئـة  هــدوء الجـبـل الـذي تـقــع عـلى سـفحــه ، أين بـهـا  أنــاس لا يـحمــلون من البـسـاطـة  إلا قـلـيـلـهـا ومـن الـتـرفـع  مـا يـجـعلك تضن و كأنهم يترقبون حدوث أمر لا يدركه أحد سواهم، الشيء الذي يطير بخيالك بعيدا لينسج حوله مشاعر قوية تدعوك إلى طلب مجالستهم و كأنك على علاقة بهم منذ أمد بعيد
فبرغم الموقع المنعزل للمدينة الجاثمة بين ماضي سياسي عظيم ضمته أوراق الحركة الوطنية ذات يوم، وحاضر متناقض حبكته يد الماضي الذي لولاه ما انطوى تاريخها بين رفوف مكتبة النسيان و أدراج تصفية الحسابات التي لم تكن في حد ذاتها العائق أمام العظماء من أمثال أبي سلهام الفاطمي، هذا العالم الذي استقر به المقام بين أهلها مدة من الزمن فكان فيهم السراج المنير والإمام المرشد.
إن الحديث عن واحد كهذا العلامة القدوة، للأمر يوحي بالتأكيد إلى عجز اللسان عن التعبير، والقلم من التسطير، وليس من السهل أبدا إيفاء الرجل حقه والإحاطة بمناقبه كلها، لكن وحتى لا نخطأ في حقه أو نتجاهل ما حباه الله من علم و تبصر لا يسعنا إلا أن ننوه بفيض علمه ونغرف من ماء بحره ولو شذرات قليلة نلج بها عتبة الزمن حتى لا تكن آثاره نسيا منسيا ونحسب يوما من المفرطين غير المبالين لقيمة العلم والعلماء.
صفاته
للرجل سيمات علم تأخذه من كل جانب وتميزه عن غيره بتلك الهيئة التي كان يحملها بين عبارات التواضع والاجتهاد الدائم في السعي إلى نشر العلم بين المتعلمين.
كان حافظا للقرآن، فصيح اللسان، مدركا لكل ما يتفوه به من لغة وبيان، فإن نسب بيتا من الشعر إلى شاعر ما في ذاك هو الصدق بعينه، وإن قال قال الشاعر فاعلم أن ذلك من نتاج ما جادت به قريحته ، وإذا ما سألت عنه كل من عاصره أو تشرف بزمالته أبلغك عن مليون و مائتين وخمسة وسبعين ألف بيتا من الشعر كان يحفظها.
إن  الشيخ العالم أو الخزانة المتنقلة كما يحلو للذين ممن عرفوه بتسميته، قد استغل فترة ترحاله بين المغرب و تونس و مصر و سوريا في التعرف على كثير من أهل الفضل على هذه الأمة ، فكان متأثرا بمجدد القرن العشرين الشهيد حسان البنا لأنه عرف عنه الكثير فأعجب بدعوته، وهذا الشيخ عبد الحميد الكشك لا ينسى أن يبلغه سلامه مع كل جزائري تفضل بزيارة بيته ، وهذا مفتي القناة الثانية للإذاعة المغربية كان لا يجيب على أسئلة الجزائريين معللا ذلك بوجود الشيخ أبي سلهام بينهم وأنه لا يقدر أن يتجرأ على الرد عنهم قبله ، من هذا كله ندرك أنه كانت للرجل مكانة خاصة بين الكثيرين  من العلماء الذين بادلهم  و بادلوه التقدير و الإجلال.
المولد و النشأة
ولد سنة 1930 في مدينة الرباط من أب جزائري وأم تونسية لم يتجاوز التاسعة من عمره حتى أتم حفظ القرآن الكريم. زاول تعليمه في جامع القرويين بفاس لينتقل بعدها إلى جامع القيروان بتونس ضمن بعثة إليه ، ليواصل طلبه للعلم في جامع الزيتونة ، و بعد التخرج بشهادات متنوعة فقهية و أدبية مشفوعة بملاحظات شرفية عالية تدل على جده و تفوقه البارز.
التحق بعداها بجامع الأزهر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، فكان له منها شهادة الليسانس بدرجة جيد.
وبعد هذا المشوار الدراسي الطويل، عاد إلى المغرب الأقصى لينصب قاضيا للقضاة من طرف ملكها محمد الخامس لمدة سنة، ثم يعينه في أمانة القصر كاتبا له.
وفي إحدى إجازاته عاد إلى وطنه الأصلي الجزائري فطاب له المقام به ، فتزوج وقرر البقاء فيه ، حيت تسلم وظائف عدة دينية منها و تعليمية لاقى في التحصيل عليها ــــــــــ لا يليقان بقدره ،فشغل منصب مفتش عام لوزارة الشؤون الدينية ، ثم عين أستاذا في ثانوية عبد الكريم فخار بالمدية ، فأستاذا للأدب العربي بجامعة وهران.
و أخيرا ألقى بعصاه بمدية قصر الشلالة التي ختمت ترحاله الطويل الحافل بالتحصيل العلمي والعطاء الكبير لأبناء الأمة ، فأنشأ مدرسة حرة استفادة زمرة من شباب المدينة و غيرها من المدن المجاورة لها ثم درس بالثانوية الوحيدة آنذاك مدة من الزمن
كان حرصه على تبليغ دعوته الإصلاحية، ظل كثيرا دائم التدريس بالمساجد والمجالس إلى أن وافته المنية إثر مرض مفاجئ لفظ فيه أنفاسه الأخيرة يوم 3 جويلية 1984 م .
ترك ورائه مخطوطات ضخمة صهر من أجلها الليالي الطوال فكانت متنوعة من أدب و لغة و دين فقهي تنتظر كلها الإذن بالنشر، نذكر من بينها (كتاب علم العروض) الذي خرج من زاوية التكديس إلى دار الشهاب حيث سيصدر قريبا بالإضافة إلى هذا هناك كتب أخرى هي: علم أصول الفقه ، التراث العربي  التشريعي ، الفنون الأدبية ، شرع الإسلام العتق ولم يشرع الرق ، فتاوى الشيخ أبي سلهام ، الطلاق بين النزعات الانحلالية والعصمة المذهبية ، نظرية الفن بين أرسطو والعرب ، عروبة السلام ، مواطن الاجتهاد في الشريعة الإسلامية ، الجمال الفني في البلاغة النبوية ، الأدب والأديب ، سر النبوغ في الأدب ثم أخيرا كتاب : (أصول حكم في السلام ) .
من تحرير السادة : ــ بهاء الدين (إبن المرحوم )
ــ عميار محمد (استاذ بقصر الشلالة
ــ عباسي عيسى (أستاذ بسيدي العجال



lundi 16 avril 2012

الولية الصالحة والثمرة الفالحة




الولية الصالحة والثمرة الفالحة


لالة تركية قدّس الله سرّها 

2009.10.15 الفجر : يومية جزائرية مستقلة 


ومن النساء الفضليات الشائع ذكرهن في أقطار الجزائر الولية الصالحة والثمرة الفالحة ''لالة تركية'' قدس الله سرها، تلك المرأة الشريفة العفيفة التي يزخر تراثنا الشعبي الحديث بأخبارها وكراماتها، إلى درجة أن صلاحها أصبح مضرب الأمثال يتردد على الشفاه في مدائح وطيب الأقوال، فمن هي رضي الله عنها يا ترى؟! هي الولية الصالحة تركية بنت علي بن يحي بن محمد بن عبد القادر بن إبراهيم بن طه بن علي بن يحي بن عيسى، والذي هو سيدي عيسى بن محمد من آل البيت نسبة إلى سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث يتواجد ضريح سيدي عيسى ببلدية سيدي عيسى ولاية المسيلة• ولدت الولية الصالحة لالة تركية بنت علي سنة 1324هـ الموافق لـ 1903م، بدوار سيدي عيسى حاليا دائرة سيدي عيسى ولاية المسيلة، من أسرة محافظة على الدين، والأخلاق الإسلامية، وتقاليد وعادات العرب الأحرار من أهل البوادي الذين اتصفوا بالجود والكرم، وعبادتهم الله وحبهم لرسوله الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أنجب أبوها لها 3 أخوات وأخا واحدا استشهد إبان ثورة نوفمبر المظفرة• نشأت لالة تركية بين أحضان عشيرتها وترعرعت، وحين بلغت سِنَّ الخامسة ساعدها أبوها وشجعها على حفظ القرآن الكريم، وقد حفظته وسنها لم يتجاوز الخامسة عشرة، وهي السن التي أخذت فيها حياتها منعرجا جديدا، وهذا حسب شهود عيان من أهلها وممن عاشروها وعاشوا في زمن صباها، تمثل في خروجها من قبيلتها دون إرادتها وأخذت تنتقل من منطقة إلى أخرى بين الجبال والكهوف لا أنيس لها سوى رب يحميها من مخاطر الإنس والدواب، وهو نعم المولى ونعم النصير• وقد تجولت في في عدة مناطق منها حاسي مسعود، ورقلة، حاسي الرمل، الأغواط، آفلو، عين الصفراء، المشرية، البيض، الشلف، خميس مليانة، سعيدة، وبهذه الأخيرة يقال إنها مكثت بإحدى الخلوات مدة من الزمن، كما زارت كل من فاس ومكناس في المغرب، والساقية الحمراء، ووادي الذهب، وعادت أخيرا إلى منطقة الرشايقة بولايت تيارت مقر زاويتها وضريحها حاليا• وكانت لها نشاطات عدة اجتماعية أدت منها: تربية الناس على التمسك بالدين وطاعة الله، وحب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وطاعة الوالدين، فقد كانت تبغض المتخلق بالأخلاق السيئة وتحذرهم من غضب الله عليهم وتحث على طاعة الوالدين فكانت في كل مرة تقول لزائريها: ''أطيعوا والديكم ثم أطيعوني'' حسب شهادات من عايشوها، كما كانت تنصح البنات بالتخلق بالأخلاق الحسنة والطاعة•


لقد كانت زاوية المرابطة لالة تركية مأوى لكثير من الناس فقد بقي عندها من كان مريضا حتى شفي بإذن الله، وبقي عندها العديد من البنات حتى زوجتهم بنفسها، وبقي عندها من الشباب حتى أسكنتهم وزوجتهم، وبقي عندها من الشيوخ والعجائز حتى توفوا، وغيرهم، وهذه شهادة حية أشهد بها كوني رأيتهم وعايشتهم، ويشهد بها حتى البعض من المعنيين• الأعمال الخيرية - كما عملت لالة تركية على بناء مسجد بزاويتها لإقامة الصلاة والاعتكاف به ولم شمل مسلمي الناحية خاصة أيام الأعياد الدينية كونهم كانوا بعيدين عن القرية ولا يمكن لهم التنقل إليها• - فتحت مدرسة قرآنية وتحملت أعباءها من إطعام وإيواء الطلبة الذين كانوا يدرسون بها• - ساعدت كل من احتاج إليها لترميم مسكنه أو بنائه، أو تزويج أحد أولاده•


:دورها إبان ثورة التحرير الوطني


لقد لعبت المرابطة لالة تركية وبحكم مكانتها في الأوساط السكانية دورا كبيرا في مساعدة المجاهدين المسلمين، ومن بين ما قامت به أنها كانت تخبئ الأسلحة في محيط زاويتها، كما اختبأ عندها الكثير من المجاهدين الذين كانوا بالمنطقة، أو أولئك الذين يأتون من بعيد، كما كانت زاويتها ملجأ لهم، ومركز عبور، ومكانا للراحة، واستعادة قواهم، والدليل على ذلك شهادة الكثير ممن عاشوا الثورة، وأكثر من هذا كانت في بعض الأحيان هي التي تشرف على عملية نقلهم من منطقة لأخرى بواسطة شاحنة أحد المحبين لها، وكدليل آخر بعض الصور التي التقطت لبعض المجاهدين في الزاوية• هذه لمحة وجيزة عن ما قامت به هذه الولية الصالحة إبان ثورة التحرير الجزائرية• وبعد الاستقلال واصلت نشاطها الديني والخيري إلى أن توفيت في 18 جوان 1993م• وتقام ذكرى سنوية بهذه المناسبة في زاويتها العامرة التي يتولى الإشراف عليها حفيدها، فرضي الله عنها وأرضاها، وقدس سرها• هذه نبذة مختصرة عن حياة هذه الولية الصالحة العامرة بالمآثر والمفاخر، رضي الله عنها وأرضاها، وقدس سرها، وجعل أعلى الفردوس مستقرها مع جدها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم